لباسنا العاشورائي… موضة أم رسالة؟!
لباسنا العاشورائي… موضة أم رسالة؟!
* جعفر حمزة- مختص في ثقافة الصورة والاقتصاد المعرفي
ترتفع مبيعات الألبسة السوداء في الأسواق قبل شهري محرم وصفر، ليكون اللباس المنشود هو ذو اللون الأسود بالمطلق بغض النظر عن المحتوى المكتوب أو المرسوم على القميص أو «T-Shirt»، وهو ربط ناقص إن اعتمد على اللون فقط.
وينطلق هذا الاهتمام والملاحظة من خلال المكانة التي يحتلها «السواد» بصريا في الموسم الحسيني (محرم وصفر)، وبالتالي يكون «لفت النظر» و «التعليق» و «الملاحظة» رد فعل طبيعي بل ومطلوب ليكون الجو العام لهذا الموسم متناسقا ومتوالفا مع النمط العام لما هو مقدم كمؤشر له، وذلك من خلال السواد في هذه الحال لبسا وإظهارا في الشوارع والمآتم والبيوت.
الأسود مرفرفا على الصدور
ويتحول اللباس إلى رمز لفكر أو عقيدة مع تطور الزمن وارتباطه الزماني والمكاني، وما الملابس الفلكورية إلا مثال لاحتفاظ الأمم بتراثها وفكرها وثقافتها، والحفاظ على تلك الروحية الخاصة بالموسم الحسيني تتمثل في الملاحظة والبحث وتقديم ما يُثبت تلك «الروحية اللباسية» – إن صح التعبير -؛ لتتشكل على إثرها فلكورا دينيا
حركة السواد على الجسد
إن حركة السواد على الجسد (اللباس) والحجر (البيوت والمآتم) تمثل ثقافة دينية تحيا بحياة الرمز المجسد لها أو القالب الذي يقدمها «اللون الأسود»، وبالتالي تكون عملية «إنعاش» الرمز مهمة وتتخذ من الوسائل الحديثة طريقا لبقائها عوضا أن تكون سببا في تشويهها.
إن تحول اللباس العاشورائي إلى موضة (fashion) هي إحدى الطرق التي بالإمكان تجاوز إمساك العصا من المنتصف، لنصل إلى مرحلة توجيه الكثير لما نريد من خلال تلك العصا. وتكون من ضمن التحديات التي «تنخر» في اللباس العاشورائي هو بقاء «الصفاء الأسود» فيها، بمعنى عدم تغير القيم العاشورائية في اللباس، ويمكن القيام بذلك من خلال تقديم «الموضوعات العاشورائية» للباس والتي تتضمن الرسائل ذات العلاقة الدينية بصورة عصرية ومبتكرة، إذ إن ذلك سيساهم في حفظ «الروح الموسمية» لعاشوراء من جهة، وتضمن وجود «جاذبية» من قبل الجيل الجديد والأجيال المقبلة له، إذ نضمن بذلك استمرارية الفكر اللباسي العاشورائي.
وليبقى شعارنا الأسود خفاقاً
ونؤمن بأن «كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء» تتعدى مساحة ومكانة الفهم المكاني والزماني لتشكل هذه المقولة عنوانا إنسانيا يضم بين جنبيه كل القيم الإنسانية النبيلة، ورسم لمجتمع حي فاعل ومؤثر، وعند الحديث عن خلق بيئة متفاعلة تلزمها الصورة التي تتحرك بها بما تحويه تلك الصور من التزام وتوجه متجدد ومبتكر للغاية الأولى والأخيرة (الإصلاح) بمفهومه الإسلامي الإنساني العام.

اترك رداً